أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - من الفصل الثالث من كتاب الحق في السلطة والثروة والديمقراطية للكاتب بشير الحامدي المنشور بتونس سبتمبر 2011 انتفاضة سيدي بوزيد تطلق شرارة ثورة الحرية والكرامة















المزيد.....



من الفصل الثالث من كتاب الحق في السلطة والثروة والديمقراطية للكاتب بشير الحامدي المنشور بتونس سبتمبر 2011 انتفاضة سيدي بوزيد تطلق شرارة ثورة الحرية والكرامة


بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 13:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من الفصل الثالث من كتاب الحق في السلطة والثروة والديمقراطية
للكاتب بشير الحامدي المنشور بتونس سبتمبر 2011
ــــــــــــــــــــــ
انتفاضة سيدي بوزيد تطلق شرارة ثورة الحرية والكرامة
سيكتشف العالم منذ يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 اسمين كانا إلى ذلك التاريخ مغمورين وعلى الهامش.
الأول اسم لمدينة ظلت على هامش الخارطة الاجتماعية الاقتصادية لدولة الاستعمار الجديد دولة الدكتاتورين الحبيب بورقيبة وبن علي، اسمها سيدي بوزيد. والثاني اسم لشاب يدعى محمد البوعزيزي مرتبط اسمه بهذه المدينة وكانت سنوات حياته إلى ذلك التاريخ سنوات من جمر.
سيدي بوزيد ومحمد البوعزيزي كلاهما احترق يوم 17 ديسمبر 2010 .
محمد احترق بإضرام النار في جسده كتعبير منه عن رفضه لواقع البؤس والتهميش والإبعاد. وسيدي بوزيد احترقت غضبا وتمردا ورفضا لسياسة الجنرال بن على سياسة القمع والتجويع والاستبداد والفساد.
احتراق محمد أدّى به إلى الموت يوم 4 جانفي 2011 متأثرا بحروقه حسب ما أعلنت السلطة ليتحول إلى رمز لكل الثائرين والواقفين على الجمر من البسطاء المقهورين المفقرين المهمشين من أبناء الطبقات الفقيرة المستغَلة والمعدَمة المُحاربَة في لقمة عيشها والرازحة تحت وطأة الاستغلال والقمع بمختلف أشكاله ليس في تونس فقط بل في كل العالم.
أما احتراق سيدي بوزيد فقد أدّى إلى إشعال شرارة المقاومة في كامل تونس من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها مقاومة كانت رايتها الدفاع عن الحرية والكرامة والحق في الحياة ضد الاستبداد والفساد وسلطة العصا الغليظة التي كان يحكم بها الديكتاتور بن علي.
شرارة المقاومة وتأثيرات ثورة الحرية والكرامة لم تتوقف عند حدود تونس لقد تجاوزت تأثيراتها حدودها إلى أقطار عديدة في المنطقة العربية إيذانا بأن عصر الثورة العربية قد بدأ وأنه ليس بحلم بعيد المنال.
إحراق محمد البوعزيزي لجسده كان الشرارة التي لابد منها كما في كل ثورة، لتعلن أن التراكم قد بلغ أقصاه، وأن مرحلة صعود واحتداد في الصراع الطبقي قد بدأت، وأنه سيُعبَر عن هذا الصراع بشكل مكشوف في معارك فاصلة فتندفع الجماهير إلى خوض معركتها ضدّ مستغليها وقامعيها متخلصة من خوفها المستبطن مدافعة عن حقها في الحياة واعية بقوتها تدريجيا ولا تتوقف في صراعها دون أن تبلغ هدفها المباشر: إسقاط نظام الاستبداد والفساد.
هكذا انطلقت ثورة الحرية والكرامة. فمن حادثة البوعزيزي وانتفاض مدينة سيدي بوزيد، تطورت الأوضاع بسرعة لتتحول الاحتجاجات والمعارك ضدّ نظام بن على الديكتاتوري البوليسي إلى ثورة شاملة أطاحت بالديكتاتور في أيام معدودة.
محمد البوعزيزي المولود في عائلة تتكون من تسعة أفراد أحدهم معوق. توفي أبوه وعمره ثلاث سنوات فتزوجت بعده والدته من عمه المريض وغير القادر على العمل. تلقى محمد تعليمه في مدرسة سيدي صالح القريبة من مسقط رأسه ولكنه نظرا للعوز الذي عليه أسرته اضطر للعمل وهو في العاشرة من عمره وانقطع عن الدراسة في نهاية المرحلة الثانوية. تقدم محمد في فترة من عمره بعد بلوغه العشرين للعمل في الجيش وفي وظائف أخرى ولكن دون جدوى. لم يكن الحظ فقط هو الذي يعوزه، لقد كان محمد كما كان الآلاف غيره من شباب تونس، ضحايا معضلة البطالة، ضحايا سياسة بن علي الفاشلة. بعد كل هذا قرّر محمد أن يمتهن بيع الخضر والغلال على عربة يدفعها بساعديه ويجوب بها شوارع مدينة سيدي بوزيد و أزقتها و أحيائها، ليحصل على القليل من المال يخفّف به وطأ احتياجه هو وعائلته. ولكن الدولة وقوانينها وأعوان بلديتها وأعوان تراتيبها استكثروا عليه ذلك. لقد كان لهم موقف آخر مما استقرّ عليه محمد.
منعوه وأمعنوا في إذلاله وطاردوه في لقمة عيش بسيطة يحصل عليها بمجهوده، بتعلة مخالفة التراتيب والقوانين البلدية، فكثفوا لديه الإحساس بالعجز أمام دولة الاستبداد وأدوات قمعها وذراعها الطويلة قوانينها وموظفوها، فكبرت نقمته وأصبحت بركان غضب قابل للانفجار في كل وقت.
وكانت القطرة التي أفاضت الكأس وفي ردة فعل ناتجة عن كل ذاك المخزون من القهر والحرمان والإذلال، يسكب محمد البوعزيزي البنزين على جسده ويشعل النار في جسمه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد رمز سلطة الاستبداد والفساد جهويا، فيحترق موجها بذلك رسالة لسلطة بن على، فحواها:
قد يبدأ الحريق من هنا، وإن بدأ فلن يكون لك القدرة على إطفائه لأنه سيتوسع وسيحيط بك من كل جانب وسيعصف بك ويكنسك.
وفعلا فقد بدأ الحريق من هناك.
لم تكن جهة سيدي بوزيد وعبر كل تاريخها الحديث بأفضل حال من محمد البوعزيزي. هي "قَمُودَة" كما كانت تعرف في السابق وسيدي بوزيد كما أصبحت منذ سنة 1973 وهي مركز ولاية سيدي بوزيد، يسكنها حسب المسح السكاني لسنة 2007 حوالي 402500 نسمة موزعين على 12 معتمدية، هي ولاية تقع في وسط البلاد التونسية، وتحدها جغرافيا ست ولايات أخرى تمثل في مجموعها عمق الوسط التونسي، حيث تتشابه الأوضاع في هذه الولايات السبع، من حيث النشاط الاقتصادي وأوضاع السكان، إذ يُعدّ هذا الإقليم من أكبر الأقاليم المتضررة من السياسات المتبعة والتي لم تنتج غير المزيد من الحيف سواء في الحقبة البورقيبية أو مع سلطة السابع من نوفمبر.
بالعودة إلى المعطيات الإحصائية نجد أن ولاية سيدي بوزيد تعتبر على رأس قائمة الجهات التي تعاني من لاتوازنات التنمية فكل المؤشرات تبين أنها الأشد فقرا وأمية وبها أرفع نسب البطالة وأضعف النسب في حجم الاستثمار على إمتداد أكثر من نصف قرن. وبها أيضا أرفع نسب المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العلمية وثلاث من أفقر ثماني معتمديات بالبلاد وهي المكناسي وسوق الجديد ومنزل بوزيان.
لئن كانت نفس الأوضاع قد فجّرت انتفاضة البلدات المنجمية قبل فترة قصيرة من إنتفاضة سيدي بوزيد، ولئن كانت انتفاضة المناجم حوصرت وقمعها الديكتاتور بن علي قمعا أسود فإن الأمر سيكون مختلفا إبان انتفاضة بوزيد.
ظهر 17 ديسمبر، تجمع مئات المواطنين من سكان مدينة سيدي بوزيد أمام مقر الولاية محتجين و مندّدين بالمعاملة التي عومل بها محمد البوعزيزي من قبل السلطات الجهوية والتي أدت به إلى حرق جسده، كما عبروا عن رفضهم لواقع التهميش ولأوضاع البطالة التي يعاني منها شباب الجهة. رابط المواطنون عشية يوم 17 ديسمبر أمام مقر الولاية كما قضى المئات منهم الليل كله هناك.
احتجاج المواطنين وبتلك الصورة، لم تعره لا السلط الجهوية ولا السلطة المركزية كبير اهتمام. لقد اعتبروا أن ما يحدث ليس إلا ردة فعل فورية ومحدودة سرعان ما ستتلاشى بمرور بعض الوقت خصوصا وأن الحادثة لم تكن الأولى التي تسجل في البلاد، لقد وقعت حوادث عديدة مثلها في السنوات الأخيرة .
قوات القمع والتي كانت مرابطة بالمكان تراقب بعين لا تنام اتجاه الأحداث وتطورها لم يسجل عنها عشيتها ولا أثناء الليل أي تدخل عنيف غير محاولات للتهدئة ومجارات للاحتجاج لم يتعود بها المواطنون من بوليس قمعي فاسد بامتياز مرتش و لا ذمة له، إلا أن التعامل مع الحدث وبتلك الصورة سوف لن يستمرّ أكثر من ساعات قليلة وسينقلب من الغد مباشرة إلى قمع لم تشهد له المدينة مثيلا.
يوم 18 ديسمبر كان يوم سبت، يوم السوق الأسبوعية لمدينة سيدي بوزيد، حيث يفِدُ إليها آلاف المواطنين من أطرافها. يوم السبت هذا سيكون يوما فارقا في تاريخ هذه المدينة.
لم يكن مواطنو سيدي بوزيد يرون في ما قام به البوعزيزي مجرد مأساة فردية لشاب بلغ به اليأس درجاته القصوى، فاختار طريق اللاعودة، فحرَقَ جسده، وبالخصوص بالنسبة لفئة الشباب التي تعاني من البطالة والتهميش والإقصاء مثله.
لقد رأى هؤلاء أن ما وقع قد يكون مصير الكثيرين منهم، وأن ساعة الحقيقة قد حانت ولابد من مواجهة الاختيارات الفاشلة للسلطة.
لقد أصبحت المسألة في أذهان الأغلبية من المواطنين في الجهة مسألة دفاع عن الكرامة وعن الحق في الحياة.
بهذا الوعي، تمكنت جموع المواطنين من تجاوز عامل الخوف المستبطن بنفوسهم والذي كبّلهم سنوات طويلة وأقعدهم عن كل ممارسة للدفاع عن حقوقهم ومواجهة قمع السلطة بكل مظاهره.
صبيحة يوم 18 ديسمبر وفي مشهد لم تألفه المدينة غصّ شارعها الرئيسي لأول مرة في التاريخ بطوفان من المواطنين، كلّهم غضب وتحدّ بأياد مرفوعة ملوحة بشارات النصر وبعزيمة من حديد وحناجر لا تكلّ تهتف «كلنا محمد البوعزيزي».
تجمّعَ المواطنون وساروا في مظاهرة حاشدة وجهتهم مقر الولاية مرددين بصوت واحد.
(الشغل استحقاق يا عصابة السراق .ــ لا لا للاستبداد يا عصابة الفساد ـ يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب.)
كتب أحد أبناء الجهة على صفحته في الموقع الاجتماعي فايس بوك يصف أحداث هذا اليوم «...مظاهرات اليوم كانت مظاهرات عارمة شاركت فيها أغلب الشرائح الاجتماعية المفقرة في الجهة، وقد جابت مظاهرة اليوم أرجاء المدينة، ورفع المتظاهرون شعارات منددة بالسياسات القائمة والتي لم تجن منها الجهة ومواطنوها غير المزيد من التهميش والتفقير على غرار أغلب جهات البلاد، وقد رفع المتظاهرون أثناء مسيرتهم شعارات أهمها.
ـ الشغل استحقاق يا عصابة السراق .
ــ لا لا للاستبداد يا عصابة الفساد.
واجهت قوات البوليس المواطنين بالقنابل المسيلة للدموع، ودارت مواجهات مباشرة بينهم وقوات البوليس إلا أن ذلك لم يثن المواطنين عن مواصلة مسيرتهم التي استمرت كامل اليوم.» [1]
يوم 18 جانفي، وأثناء محاصرة المواطنين لمقر الولاية على إثر المظاهرة العارمة التي تحولت إلى اعتصام، تدخل أحد شباب الجهة وألقى كلمة في المحتجين موجها رسالة باسمهم إلى السلطات الجهوية والمركزية قال فيها:« من المعتصمين إلى السيد الوالي ... إلى أعوان الأمن...إننا نريد حياة كريمة، نحن نريد الحدّ الأدنى من متطلبات الحياة... سيدي بوزيد تعيش تحت خط الفقر...».[2]
ولئن لم تتمكن قوات القمع في يوم 18 ديسمبر من تفريق المواطنين برغم شدة تدخلها، فإنها في اليوم الموالي، وبعد وصول تعزيزات كبيرة من تونس العاصمة ومن الولايات المجاورة أحكمت السيطرة على المدينة وأغلقت كل الطرقات المؤدية، لها، إلا أن ذلك لم يثن المحتجين عن الخروج للشارع وتنظيم المسيرات، وقد دارت مواجهات بينهم وبين قوات البوليس التي كان تدخلها عنيفا جدا فوقعت مصادمات وإصابات في صفوف المواطنين، ونقل العديد منهم إلى المستشفى، كما سجل إيقاف أكثر من 50 مواطنا من مختلف الشرائح فيهم من النشطاء السياسيين وفيهم من النقابيين وأغلبهم كان من شباب المدينة المعطّل عن العمل.
في اليومين الثالث والرابع، استمرت الاحتجاجات ولكنها كانت بشكل متقطع نظرا لإحكام البوليس الطوق على المدينة.
شباب المدينة تحديدا لم يثنهم القمع على مواصلة احتجاجاتهم فقد تنظموا في مجموعات وخيروا التحرك ليلا، وقد وقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات البوليس في كثير من الأحياء وخصوصا ليلة الاثنين 20 ديسمبر 2010 استعمل البوليس فيها قنابل الغاز المخنق وداهم المنازل وأرهب الأطفال والنساء والرجال والشيوخ.
لئن لم تتحرك السلطة الجهوية يوم 17 وليلة 18 ديسمبر لتطويق الإحتجاجات، وظلت تراقب تطورها موهمة بأن الحدث لا يستحق كل هذا الذي يجري، فإن موقفها قد تغير يوم 18 بعد المسيرة والمصادمات العنيفة والاعتصام الذي نظم عقبها في دار الإتحاد الجهوي للشغل، فأوعزت إلى كاتبه العام والذي هو في نفس الوقت نائب عن الجهة في برلمان الدكتاتور عن التجمع الدستوري الديمقراطي، بأن يعلن عن تكوين لجنة نقابية يرأسها مع بعض النقابيين الموالين له و السائرين في ركابه تطرح نفسها مفاوضا باسم المواطنين المحتجين، في محاولة لإيقاف الاحتجاجات في بدايتها وعند الحدّ الذي بلغته والحيلولة دون تطورها. لقد أرعبت التحركات وصمود المحتجين وإصرارهم رموز السلطة الجهوية والحزب الحاكم، وبالتالي فلابد من المناورة.
لقد كانت أحداث انتفاضة الحوض المنجمي ماثلة أمامهم ولابد من التحرك كي لا يعاد نفس السيناريو.
مناورة السلطة هذه سقطت في الماء منذ ساعاتها الأولى، فلقد أعلن المواطنون أنهم لا يعترفون بهذه اللجنة وأنها لا تمثلهم معتبرين أن غايتها ليست إلا تطويق ردة فعلهم القوية، وقطع الطريق أمام تجذر وتطور تحركاتهم المناهضة للسلطة والرافعة لمطالبهم. ودعوا إلى تكوين لجنة مستقلة من مناضلين ونقابيين مشهود لهم باستقلاليتهم وجرأتهم ونضاليتهم، وممثلين عن المعطلين، تتفاوض بكل ندية مع السلطة وتطالب بتتبع الجناة الحقيقيين والذين دفعوا البوعزيزي إلى الانتحار حرقا، كما تفتح ملف التشغيل ولاتوازن التنمية ومطالب أخرى عديدة تعاني منها الجهة.
دعوة المواطنين هذه سينبثق عنها ومن الغد مباشرة أي يوم 19 ديسمبر، وفي تجمع مواطني عام لجنة تحت اسم "لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد"، في نفس اليوم قامت هذه اللجنة بقيادة مسيرة تصدى لها البوليس بكل وحشية لتتحول المسيرة إلى مواجهات عنيفة بين قوات القمع والمحتجين استمرت اليوم كاملا وتواصلت في الليل وشارك فيها كل المتساكنين .
يوم 20 ديسمبر ستعلن هذه اللجنة وفي بيانها الأول عن تركيبتها ومهامها وستعمل وطيلة الأيام الموالية على تأطير الاحتجاجات وتنظيمها والضغط من أجل إطلاق سراح الذين وقع إيقافهم أثناء المسيرات.
تواصلت الإحتجاجات يوم 20 ديسمبر بشكل متقطع، فقد انتشرت قوات القمع في كل شوارع المدينة وأحيائها، وحاصرت مداخلها من كل جهة، وأحكمت قبضتها على السكان. لقد كانت السلطة مصمّمة على التّمادي في القمع والترهيب، ولكن ذلك لم يوقف عزيمة الشباب عن المقاومة، بحيث سجلت خلال هذا اليوم مواجهات ومصادمات كثيرة بين الشباب الثائر وقوات القمع وخصوصا في الليل.
اشتداد حالة الحصار وشدّة القمع الذي كان يواجِه به البوليس المحتجين، زادت الوضع احتقانا داخل مدينة سيدي بوزيد وساهمت في دفع الوضع إلى التفجّر في أغلب بلدات الولاية.
لم يبق المواطن في هذه المعتديات محايدا حيال وضع يدور قريبا منه ومن أجل قضايا ومطالب هو نفسه يتبناها ويرفعها.
لم يكن ينقص الوضع في بلدات كمنزل بوزيان والمكناسي والرقاب وجلمة وبن عون والسبالة وسوق الجديد إلا شرارة لتنفجر هي أيضا وتخوض معركتها مع النظام الفاسد جنبا إلى جنب مع مواطني مركز الولاية.
وكان أن انطلقت الشرارة من بلدة منزل بوزيان يوم 21 ديسمبر.
يوم 21 ديسمبر كانت قد مرّت على الإحداث في سيدي بوزيد أربعة أيام حاول فيها نظام بن علي التعتيم عليها كعادته مثلما فعل أثناء أحداث الحوض المنجمي، فلا الجرائد الصفراء ولا الإذاعات والقنوات التلفزية الموالية لمافيا المال والفساد كان يعنيها ما يدور من أحداث هناك في مدينة سيدي بوزيد.
سياسة التعتيم هذه لم تنجح ولم تؤت أكلها كما كان يراد منها، فقد خُرق هذا الطوق وكسره الإعلام الرقمي الفوري بكل أصنافه والذي كان يقوم به أبناء المنطقة على مواقع الإنترنيت في المدونات وعلى شبكات التواصل الرقمية وبالخصوص على شبكة الفايس بوك. لم تقدر السلطة على إيقـــاف هذا المـــدّ الإعلامي الذي واكب الأحــداث لحظة بلحظة، ونقلها لكل العالم بكل وضوح حتى أنه أصبح مصدر الخبر والصورة حول الأحداث حتى في أشهر القنوات التلفزية العالمية.
يوم 21 خرج مواطنو منزل بوزيان والمكناسي والرقاب في مظـــاهرات ومسيرات حــاشدة، مطالبين بحقهم في العمل وفي حياة كريمة مشهّرين بالفساد المالي لعائلة الديكتاتور وزوجته وبالاستبداد السياسي وغياب الحريات، فتصدى لهم البوليس بكل شراسة بالهراوات والغاز السام ولكن ذلك لم يفتّ من عزم السكان فقد خرجوا بالآلاف وداوموا واستمروا في التظاهر ومواجهة البوليس دون خوف ولا تراجع.
بدخول هذه المعتديات إلى المعركة والمواجهة مع السلطة، فُكّ الطوق قليلا على مدينة سيدي بوزيد، فعادت المسيرات والمظاهرات الحاشدة والمواجهات.
لم تكن السلطة تعتقد أن الاحتجاجات ستنتقل إلى أهم بلدات الولاية وبمثل تلك السرعة والجماهيرية والتصميم والإصرار على المقاومة، وهي التي عزّزت حضورها البوليسي هناك لمنع أي تحركات ممكنة.
دوائر القرار في وزارة الداخلية وزارة الإرهاب كما كانت تردّد الجماهير، وأمام تطور الأحداث بتلك الصورة وبأمر من أعلى سلطات الاستبداد، أعطت الضوء الأخضر لقواتها باستعمال الرصاص الحي واستعمال كل وسائل القمع والترهيب أثناء التصدي لاحتجاجات المواطنين، وهو توجه كانت تعتقد أنه سيخمد المقاومة التي عمت كامل مناطق الولاية وبدأت تأخذ طابع الانتفاضة في الجهة كاملة.
المنعرج الكبير الذي ستأخذه الأحداث والذي سيراكم في اتجاه انتقال الإحتجاجات إلى ولايات أخرى مجاورة لولاية سيدي بوزيد سيكون يوم 24 ديسمبر وفي بلدة منزل بوزيان بالتحديد.
يومها وبقيادة بعض الشباب من أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل والطلبة والتلاميذ من أبناء الجهة وبمساهمة فاعلة من نقابيي الاتحاد المحلي للشغل وبعض الناشطين السياسيين والنقابيين، خرج الأهالي في مسيرة حاشدة رافعين الشعارات نفسها التي رفعها المحتجون في سيدي بوزيد لتلتحم بمسيرة أخرى نظمتها ربات البيوت فاق عدد المشاركات فيها 300 امرأة، ولكن رجـــال القمع واجهوهم ومنـذ البــداية بالرصاص الحي، ودارت مواجهات عنيفة في أحياء البلدة استعمل فيها البوليس كل وسائل القمع والترهيب فداهم المنازل وكسّر الأبواب ونهب ممتلكات السكان وأحرق الدكاكين وطارد الشباب وحول البلدة إلى معتقل كبير مستباحة فيه كل صنوف القمع والتنكيل والترهيب.
خلفت أحداث منزل بوزيان شهيدين من المتظاهرين(محمد لعماري أول شهيد في الثورة سقط في ساعته، وشوقي حيدري توفي في المستشفى الجهوي بصفاقس أسبوعا بعد الجريمة) وعديد الجرحى واعتقال عدد كبير ممن شاركوا في الاحتجاج والتظاهر.
في نفس اليوم وفي الأيام التي تلته، امتدت الإحتجاجات والمسيرات إلى بلدة المكناسي وبلدة الرقاب وبن عون وسوق الجديد وجلمة والمزونة وكان البوليس وفي كل بلدة، يواجه المتظاهرين بالرصاص الحي فسقط عديد الشهداء في بعض هذه البلدات وبرغم ذلك فقد واصل الأهالي وفي أغلب معتمديات الولاية مقاومتهم ولم يتراجعوا.
تواصل الأحداث برغم القمع والتقتيل، كان رسالة بليغة من الأهالي للسلطة التي راهنت على قمع التحركات بالترهيب والتقتيل مفادها أن لا تراجع عن المقاومة، وأن خيار العسف والقمع لن يزيد السكان إلا إصرارا على مواصلة المعركة حتى تحقيق المطالب المرفوعة.
بتوسع الاحتجاجات وشمولها أغلب بلدات ولاية سيدي بوزيد وبالمشاركة المواطنية الكثيفة والتي شملت أغلب الشرائح الاجتماعية المفقرة والمهشمة، أخذت الأحداث تأخذ شكل الانتفاضة التي يصعب إخمادها بالحلول التقليدية التي تعودت السلطة اعتمادها . لقد بدت كل المؤشرات تدل على أن الحريق سيتوسع أكثر وسيمتدّ إلى الولايات المجاورة .
توسع الانتفاضة إلى الولايات المجاورة سيكون الحدث الأهم في مجريات إنتفاضة سيدي بوزيد. كان هذا ما تخشاه السلطة لأن ذلك سيمثل بالنسبة لها بداية فقدانها السيطرة على الأوضاع. وما هي إلا أيام قليلة حتى تحوّل ما كان مجرّد افتراض واحتمال ممكن إلى واقع ملموس.
إن ما سيسرّع بتطور الأوضاع في هذا الاتجاه ،هو دخول الحركة النقابية ممثلة في عناصرها الأشد ارتباطا بالحركة الجماهيرية والذين مثلوا وبداية من 25 ديسمبر أحد أهم عناصر المساندة والدعم لانتفاضة جهة سيدي بوزيد، وهو وضع لم يكن بمقدورهم تجسيمه أثناء انتفاضة الحوض المنجمي.
يوم 25 ديسمبر شهدت دور الاتحاد العام التونسي للشغل وخصوصا في تونس والقصرين وحندوبة وصفاقس وسيدي بوزيد والقيروان وفي مدن أخرى عديدة، تجمعات نقابية حاشدة مساندة لمواطني سيدي بوزيد، طالب فيها النقابيون بضرورة تلبية مطالب الأهالي المنتفضين هناك وندّدوا بالقمع الأسود الذي ووجهت به الاحتجاجات، كما نادوا بضرورة إطلاق الحريات السياسية ومراجعة الاختيارات الاقتصادية التي لم توطّن غير المزيد من الحيف الاجتماعي ولم تنتج غير المزيد من تفقير الجماهير الشعبية وتهميشها.
سياسة العصا الغليظة والمحاصرة والقمع من طرف بوليس بن على كانت حاضرة أيضا في هذه التجمعات فقد عمد البوليس وكعادته دوما إلى محاصرة هذه التجمعات ومنع النقابيين من ممارسة حقهم في التظاهر وفي التعبيرعن وقوفهم على جانب مواطني سيدي بوزيد.
التحاق الحركة النقابية ممثلة في بعض قطاعاتها المعروفة تقليديا بنضاليتها (قطاع التعليم الأساسي والثانوي وقطاع الصحة وقطاع البريد)، وفي بعض الجهات المعروفة تاريخيا بدورها النقابي كجهة صفاقس وقفصة وقابس وحندوبة وتونس وسوسة، وبدفع من طليعة نقابية يسارية جذرية، ولئن جاء متأخرا فإنه قدّم دعما مهما للانتفاضة سيساهم في تجذيرها وتوسيع رقعتها وصمودها.
لقد مثل ذلك الدّعم نقلة نوعية في وعي وممارسة قطاع واسع من منتسبي منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل ومناضليها ويمكن القول أنه كان العامل المحدّد في التطور الذي عرفته الأحداث فيما بعد.
انطلقت مساندة الحركة النقابية، واستمرت التعبئة التي بدأت تشهدها ساحات الاتحادات الجهوية وساحة محمد على المقر المركزي للاتحاد برغم معارضة القيادة المركزية البيروقراطية لهذه المنظمة المعروفة بولائها للدكتاتور.
لقد أغلقت هذه القيادة أبواب الاتحاد في وجه النقابيين والقطاعات كما سمحت للبوليس بمحاصرة دور الاتحاد والتدخل لقمع النقابيين وتعنيفهم ومنعهم من ممارسة حقهم في التظاهر والتعبير عن آرائهم، وقد دارت مواجهات عديدة بينهم وبين قوات القمع وسجلت حالات اعتداء كثيرة عليهم، كما منعوا مرارا من مغادرة دور الإتحاد.
لم يستمرّ الوضع على ذلك الحال، فبمرور الأيام، وخصوصا لما توسعت الانتفاضة وامتدت إلى مدن أخرى في الجنوب والوسط والشمال الغربي، ستتقوى التعبئة وسيلتحق المئات من النقابيين بهذه التجمعات كما الشباب المعطّل والتلمذي والطلبة وستخاض في تلك التجمّعات معارك حقيقية بين النقابيين وقوات القمع يتمكّن فيها النقابيون من تكسير حواجز المنع البوليسي ونقل المواجهة إلى الشوارع .
تواصلت احتجاجات مواطني سيدي بوزيد يومي 25 و 26 ديسمبر كما استمرت في هذين اليومين تجمعات النقابيين المساندة لهذه الإحتجاجات في أكثر من إتحاد جهوي، ولكن المنعرج الأهم هو الذي سيحدث يوم 27 ديسمبر حيث شهد انتقال المظاهرات والمسيرات إلى أكثر من جهة.
لقد خرج في هذا اليوم المواطنون في صفاقس وقفصة والقيروان والقصرين و تالة ومدنين، في مظاهرات ومسيرات حاشدة منددة بالنظام والقمع و الاستبداد والفساد، ورفع المواطنون شعارات منادية بالحق في الشغل وفي الحريات والديمقراطية، كما تمكن النقابيون في تونس من كسر الطوق البوليسي المضروب على ساحة محمد علي والخروج إلى الشارع رافعين نفس الشعارات ومنادين بنفس المطالب.
في الحقيقة، إن خروج المواطنين في أغلب جهات البلاد التونسية للتظاهر، و رفع الشعارات المناهضة للاستبداد والفساد وغياب الحريات، لم يكن دافعه فقط مساندة أهالي سيدي بوزيد لقد كان كذلك انخراطا فعليا من قبلهم في المعركة مع السلطة، لأنهم يعيشون نفس الأوضاع ويعانون من نفس الظروف التي يعاني منها مواطنو سيدي بوزيد.
المواجهة الأشد بين المواطنين المحتجين وقوات قمع بن على، في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، عرفتها مدينة القصرين، لما منع البوليس مواطنيها من التنقل لحماية مدينة تالة التي لم تهدأ فيها المظاهرات ولم تقدر قوات البوليس المرابطة بها السيطرة عليها، فوقع تعزيزها بقوات كبيرة من تونس ومن الجهات الأخرى القريبة وهو ما أوحي بأن هناك تخطيطا لمجزرة وإغراق البلدة في حمام من الدماء.
وتدخل البوليس بعنف غير مسبوق وبإطلاق للرصاص الحيّ لمنع هذه المساندة.
لم يعد الأمر متعلّقا بإطلاق الرصاص فقط، لقد تعداه إلى تحويل المدينة إلى ساحة قنص حيث كان الرصاص يوجّه للصدر والرأس وطالت عمليات القنص هذه كثيرا ممن كانوا في بيوتهم ولم ينزلوا للشارع. وسجل سقوط أكثر من 26 شهيدا في القصرين وحدها في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر منهم الطفلة يقين القرمازي ذات الستة أشهر. كما حصلت عمليات مداهمة للبيوت وتنكيل بالمواطنين لم تشهدها المدينة حتى أثناء الاستعمار الفرنسي، إضافة لما وقع من اعتداء على النساء والفتيات تحت أنظار أزواجهن وإخوتهن إمعانا في إذلال المواطنين و الدّوس على كرامتهم وشرفهم.
استبسل مواطنو مدينة القصرين في مواجهة قوات القمع، وواجهوا ترهيبها ومحاولات إذلالهم والدوس على كرامتهم بمزيد تصعيد المقاومة والاحتجاج .
لقد بلغ الوضع نقطة اللاعودة، فلا مجال للتراجع: فإما حياة كريمة وإما استشهاد بشرف والصوت عال والرأس مرفوع.
كان ذلك هو الموقف الذي تبناه المواطنون في كل الجهات، فلم تزدهم سياسة التقتيل والرصاص الحي إلا اصرارا وإيمانا بكنس سلطة بن علي. لم يعد الأمر متعلقا بطلب إصلاحات سياسية واقتصادية من السلطة، لقد اكتشف المواطن بنفسه وأثناء الأحداث الجارية أن سلطة لا تتورّع عن تقتيل الشعب بالرصاص الحيّ لمجرد أنه خرج للاحتجاج والتظاهر، لا يرجى منها خير، ولا يمكن أن تقدّم غير المزيد من القمع والتقتيل إن هي بقيت ممسكة بالبلد.
لقد أصبحت المهمة في وعي الجماهير مكثفة في شعار الشعب يريد إسقاط النظام.
تحوُّل الوضع إلى وضع ثوري، وتوسُّع الاحتجاجات، والتحاق الحركة النقابية بالنضالات الشعبية، واصرار الشبيبة بمختلف أصنافها على المقاومة وعدم الخوف من مواجهة الرصاص والموت، أربك سلطة بن علي التي ستخرج عن صمتها ليظهر الديكتاتور يوم 28 ديسمبر من على شاشات القنوات التلفزية المحلية متوجها بكلمة للشعب التونسي في محاولة أولى للمناورة لإيقاف المسار الثوري.
جاء في كلمة الديكتاتور« لقد تابعت بانشغال ما شهدته سيدي بوزيد من أحداث خلال الأيام المنقضية. ولئن كــان منطلق هذه الأحداث حالة اجتماعية نتفهم ظروفها وعواملــها النفسية، كما نأسف لما خلفته تلك الأحداث من أضرار، فإن ما اتخذته من أبعاد مبالغ فيها بسبب الاستغلال السياسي لبعض الأطراف الذين لا يريدون الخير لبلادهم، ويلجؤون إلى بعض التلفازات الأجنبية التي تبث الأكاذيب والمغالطات دون تحر بل باعتماد التهويل والتحريض والتجني الإعلامي العدائي لتونس، يدعونا إلى توضيح بعض المسائل ... لا يمكن بأيّ حال من الأحوال رغم تفهّمنا، أن نقبل ركوب حالات فردية أو أيّ حدث أو وضع طارئ لتحقيق مآرب سياسوية على حساب مصالح المجموعة الوطنية ومكاسبها وإنجازاتها وفي مقدّمتها الوئام والأمن والاستقرار....كما أنّ لجوء أقلية من المتطرّفين والمحرّضين المأجورين ضدّ مصالح بلادهم، إلى العنف والشغب في الشارع وسيلة للتعبير أمر مرفوض في دولة القانون مهما كانت أشكاله، وهو مظهر سلبي وغير حضاري يعطي صورة مشوّهة عن بلادنا تعوق إقبال المستثمرين والسواح بما ينعكس على إحداثات الشغل التي نحن في حاجة إليها للحدّ من البطالة. وسيطبّق القانون على هؤلاء بكلّ حزم بكلّ حزم.»
بكلمته هذه كان بن على قد خطا خطوة إلى الأمام في طريق نهايته ونهاية نظامه الديكتاتوري الفاسد.
لقد زاد هذا الخطاب ورسخ لدى الشعب التونسي القناعة بأن ليس له ما يقدم غير الوعيد والوعود الكاذبة.
لم يكن بن علي يدرك أن لهجة الوعيد المغلفة بالوعود الزائفة يعرفها الشعب التونسي، وقد مجّها واستهجنها، وأنها لم تعد مقبولة ولا يمكن لها أن تروضه وتوقفه عن مواصلة ثورته التي أصبحت مهمتها الرئيسية إسقاط الديكتاتور والديكتاتورية.
لقد اعتبر الدكتاتور احتجاجات المواطنين، أعمال عنف وشغب تقوم بها أقلّية من المتطرّفين والمحرّضين المأجورين لفائدة بعض الأطراف السياسية من الذين لا يريدون الخير لبلادهم، وفي ذلك رسالة تهديد واضحة لكل القوى التي ساندت أو ستساند الاحتجاجات، كما توعّد بتطبيق القانون بكل حزم و بكل حزم وهي إشارة إلى أنّ لا تراجع عن أسلوب القمع والتقتيل في مواجهة الجماهير المنتفضة.
خطاب بن علي لم يكن موجها للداخل فقط لقد كان يهدف أيضا إلى طمأنة داعميه من القوى الإمبريالية وأساسا فرنسا وأمريكا، كما أيضا الدكتاتوريات العربية، والتي بدت منشغلة مذعورة مما يجري من أحداث في تونس، بأنّ الوضع مازال تحت سيطرته وأن النظام مازال متماسكا ولم يفقد زمام الأمور.
ما كان لخطاب الدكتاتور يوم 28 ديسمبر الصدى الذي كانت تأمله من ورائه سلطة بدا ارتباكها وضعفها وزيف خطابها واضحا مكشوفا للجميع.
كان الخطاب كله زيف وأكاذيب.
كيف سيصدّق شعب منتفض ثائر يواجه بالتقتيل بالرصاص الحي ويتساقط أبناؤه شهداء بالعشرات، أن المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات التي يقوم بها هي أحداث شغب وعنف تقوم بها أقلّية من المتطرّفين والمحرّضين المأجورين ضدّ مصالح بلادهم كما سوقت لذلك السلطة؟
كيف سيصدّق الشعب مثل هذه الأكاذيب، وهو يعرف أنّ كل التحركات ومنذ انطلاقها في يومها الأول من سيدي بوزيد كانت بمبادرات مواطنية، وأن من قادها وشارك فيها هم أبناء هذا الشعب من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية التي تعاني من الاستغلال والحيف الاقتصادي والاجتماعي؟
كيف سيصدق شعب ثائر عملت السلطة ما في وسعها مستخدمة كل الوسائل للتعتيم على انتفاضته وعلى جرائمها وقمعها الأسود لهذه الانتفاضة، بأن ما يقوم به النشطاء والمدوّنون والنقابيون والإعلاميون الشرفاء من خرق لهذا الطوق وإخبار على ما يقع من أحداث لكل العالم مواجهة لواقع التعتيم الذي تمارسه السلطة هو أكاذيب ومغالطات و تهويل وتحريض وتجني إعلامي تحركه أطراف معروفة بعدائها لتونس؟
كيف سيصدق الشعب أن ما يقوم به من مظاهرات ومسيرات ضد الاستبداد والفساد ودفاعا عن الحق في الشغل وفي الحياة الكريمة هو عند السلطة لا يعدو كونه أحداث عنف وشغب؟
كيف سيتقبّل شعب يواجَه أبناؤه بصدور عارية، رصاص قناصة السلطة ويستشهدون في الساحات العامة وفي الشوارع وفي بيوتهم وعيدَ الديكتاتور بتطبيق القانون بكل حزم وبكل حزم.
ماذا كان الديكتاتور يعني بهذاالحزم في تطبيق القانون؟
لم يفهم الشعب من ذلك غير أن السلطة ماضية في أسلوب القمع والتقتيل، وأنها عازمة على المضي في نهج المعالجة القمعية إلى الآخر.
لم يفهم الشعب غير هذا من نظام بوليسي دموي مثل نظام بن على.
بعد خطاب الديكتاتور، بدا جليا أن السلطة سائرة في اتجاه التصعد وأن الانتفاضة ستدخل طورا جديدا من أطوارها ستكون فيه المواجهة أشد شراسة مع سلطة تعرت تماما ولم يبق لها من الأوراق الكثير لتلعبه.
وفعلا حدث ما كان متوقعا، ففي الأيام الموالية، أطلقت السلطة العنان أكثر لجهاز البوليس ليقمع بكل الطرق في سعي محموم لوقف الانتفاضة وإجهاضها.
خطاب الوعيد والوعود الكاذبة تلاه يوم 30 ديسمبر تعديل وزاري جزئي حيث عُيّن سمير العبيدي وزيرا للاتصال كما عُيّن وزيران جديدان واحد للشباب والرياضة والآخر للشؤون الاجتماعية.
أظهر التعديل الوزاري وتحديدا تغيير وزير الاتصال بالملموس أن السلطة قد خسرت معركة الإعلام، وأن شباب الثورة من الناشطين في هذا الميدان بمعية كل الأقلام والأصوات الصادقة، قد سجّلوا خطوة أولى في اتجاه النصر.
في نفس اليوم الذي أعلن فيه الديكتاتور عن التعديل الوزاري تداولت وسائل الإعلام المحلية خبر رفع ديكتاتور ليبيا معمر القذافي القيود الإدارية المفروضة على التونسيين للدخول إلى ليبيا للعمل وتأكيده على معاملتهم كمواطنين ليبيين.
خطاب الديكتاتور والتعديل الوزاري الذي أجراه، كما التغيير الجزئي الذي قام به في سلك الولاة والذي شمل ولاية سيدي بوزيد و جندوبة و زغوان، كما تغيير مدير عام الديوانة كلها كانت إجراءات لا معنى لها في نظر الشعب، لأنها لم تكن إلا إجراءات شكلية لا يمكن أن تأتي بجديد، وليست إلا مناورة جديدة لا يمكن أن تخفي عزم نظام الديكتاتور بن علي على التمادي في سياسة القمع والتقتيل في مواجهة الجماهير الشعبية المحتجة والمنتفضة في أغلب جهات البلاد.
هذا الموقف ستبرهن عليه أحداث الأسبوع الأول من شهر جانفي 2011 والتي شهدت فيها الاحتجاجات توسعا شمل كل الجهات، كما انخرطت في التحركات أغلب القطاعات والجمعيات المهنية المستقلة جنبا إلى جنب مع العمال والبطالين المهمشين وكل الفئات والشرائح الاجتماعية التي لم تجن من سياسة بن علي غير الاستغلال والتفقير والتهميش ومصادرة الحريات.
الأسبوع الأول من السنة الجديدة، سيعرف فيه النشاط الجماهيري نقلة نوعية، فستعم المظاهرات والمسيرات و الاعتصامات كامل أنحاء البلاد، وسيبرهن فيها الشعب على أنه مصمّم على المضي قدما نحو الإطاحة بالنظام ولن يثنه عن مهمته هذه لا القمع ولا التقتيل الذي سيواجهه به بوليس بن علي.
هذا التصميم على مقاومة نظام بن علي، والإصرار على إسقاطه سيتجلى في أوضح صورة في تلك المعارك التي خاضها طيلة ذلك الأسبوع النقابيون المناضلون في كل الاتحادات الجهوية وفي الاتحاد المركزي، والحقــوقيون محامون وقضاة شرفاء مناضلون والطلبة والتلاميذ كما النساء المناضلات في الاتحاد العام التونسي للشغل في لجان المرأة العاملة و في جمعية النساء الديمقراطيات كما في الجهات الداخلية وفي بلدات صغيرة كتالة والرقاب ومنزل بوزيان وجبنيانة و تاجروين والرديف والتي برهن سكانها أن حقهم في الحياة بكرامة وعزة هو حق يمكن التضحية في سبيله بالنفس والاستشهاد من أجله.
حزم بن علي جسّمه جهاز البوليس كأحسن ما يكون على أرض الواقع. فقد انطلقت عصابات وزارة الداخلية ومنذ كلمة الديكتاتور في حملات اختطاف وترهيب ومحاصرة ومداهمات طالت الكثير من النشطاء الفاعلين، كما عززت عدّتها وعتادها في مواجهة التجمعات التي أصبحت شبه يومية وفي كل الجهات.
لقد كانت رسالة وزارة القمع في تلك المرحلة من الثورة واضحة وهي أنه لا مجال لافتكاك الشارع، و لا مجال للالتحام بأوسع شرائح الشعب، ولا مجال للتجمّع أو التظاهر أو رفع الشعارات المنادية بإسقاط النظام والمنددة بالفساد .
وكما كانت رسالة السلطة واضحة عبر جهازها القمعي الذي تغوّل كان ردّ الجماهير أيضا واضحا وميدانيا، في الاصرار على المقاومة ومواصلة النضال مهما كان الثمن.
ودوّى في كل تجمع واحتجاج شعار "يا بوليس يا جبان الشعب التونسي لا يهان ـ ويا بوليس يا ضحية إيجا شارك في القضية ـ يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب".
كانت المعركة ضد السلطة في تلك الفترة كلها تدور على نقطة واحدة هي السيطرة على الفضاء العام.
الفضاء العام، وإلى حد ذلك الوقت كانت تسيطر عليه السلطة بكل أجهزتها القمعية المكشوفة والرمزية.
لم يكن يعني السلطة كثيرا غضب النخبة ولا الاحتجاج على سياساتها في الفضاءات المغلقة أو بالبيانات التي لا يطّلع عليها إلا القلقة القليلة.
ما كانت تخشاه هو أن تفتكّ الجماهير الشارع. كانت فرائصها ترتعد من مجرد التفكير في هكذا وضع، فلقد وقفت بالملموس وطيلة الأسبوعين الذين مرّا، على بدء الثورة، على معنى إفتكاك الجماهير للشارع.
كان للنقابيين الجذريين المعارضين للخط البيروقراطي المهيمن في الاتحاد العام التونسي للشغل دور كبير في هذه المرحلة من الثورة في تنظيم الاحتجاجات واستمرارها، وفي كسر شوكة جهاز البوليس وتصعيد المقاومة . فقد تحولت دور الإتحاد، وفي أغلب المدن التونسية، مسرحا لمعارك عنيفة من أجل فرض حق التظاهر والتعبير والالتحام بالشارع وبالمواطنين ومواصلة الثورة .
لقد مثلت هذه التجمعات إحدى النواتات الصلبة التي ضمنت استمرار الحراك الثوري وتجذره، كما فعلت في دفع الكثير من منتسبي الاتحاد والذين بقوا إلى ذلك التاريخ متردّدين للالتحاق بالثورة والقطع مع التمترس وراء موقف المركزية المعارض لهذه التحركات والمساند للسلطة.
إلى جانب التجمعات النقابية التي كانت تنظم يوميا في بطحاء محمد علي الحامي في العاصمة، والتي كانت تتحول إلى معارك حقيقية مع جهاز البوليس، ولم تخلُ منها هذه الساحة يوما خصوصا في الأسبوعين الذين سبقا فرار الدكتاتور بن علي ،كانت الساحة الحقوقية هي أيضا تشهد مدّا نضاليا كبيرا بدأ منذ 28 ديسمبر 2010 بتنظيم مظاهرة المحامين أمام قصر العدالة بالعاصمة والتي حاصرها البوليس وقمعها، كما تم على إثرها تسجيل إيقافات في صفوفهم .
انخراط قطاع المحاماة في الثورة تواصل، فقد تلت مظاهرة قصر العدالة وقفة احتجاجية يوم 31 جانفي وإضراب عام قطاعي يوم 6 جانفي، وهو يوم خصّصه المحامون لمساندة أهالي سيدي بوزيد والقصرين و تالة وللتنديد بقمع تظاهراتهم واحتجاجاتهم وأعلنوا فيه أنهم لن يتراجعوا عن الانخراط في مسيرة شعبهم من أجل الحرية والكرامة وأن العسف والقمع لن يثنيهم عن مواصلة التحركات حتي إسقاط سلطة الاستبداد والفساد.
انخراط قطاع المحاماة في الثورة كان أيضا عاملا مهما جدا في دفع المسار الثوري إلى الأمام وفي دفع هيئات وجمعيات عديدة للالتحاق بالثورة.
الشباب الطلابي والتلمذي وأصحاب الشهائد المعطلون عن العمل كان لهم أيضا دور بارز في المقاومة التي أطاحت ببن علي يوم 14 جانفي 2011، لقد كانوا في الصفوف الأمامية في كل مسيرة ومظاهرة واعتصام . لقد انخرطوا في جهة سيدي بوزيد و في القصرين وتالة والرقاب وفي أغلب الجهات الداخلية في المواجهة منذ البداية.
يوم 3 جانفي 2011 كان التلاميذ والطلبة قد عادوا إلى مدارسهم ومعاهدهم وكلياتهم بعد عطلة كانت قد ابتدأت في أواخر شهر ديسمبر. يوم العودة هذا شهدت فيه البلاد أكبر المظاهرات والمسيرات الشبابية والتي تحولت إلى معارك مع البوليس، وتمكّن الشباب الثائر أثناء هذا اليوم وكردّ فعل على القمع الذي تعرّض له وتعبيرا منه على عزمه على مقاومة الاستبداد، من حرق بعض مقرّات التجمّع الدستوري الديمــقراطي و مراكز الشرطة وهو ما جعل وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية تقرران وفي مساء يوم 10 جانفي2011 تعليق الدروس بكل مدارس البلاد وجامعاتها.
لقد واجهت السّلطة تحركات الطلبة والتلاميذ بقمع عنيف ولكن ذلك لم يثنهم عن مواصلة التحركات.
يقول نجيب العبيدي طالب في شعبة الاتصالات في تونس في كلمة له على موقع فرنس 24 يتحدث عن أولى تحركات الطلبة في الأسبوع الأول من شهر جانفي « قامت مجموعة من الطلبة بالدعوة إلى هذا التحرك يوم الأحد على إحدى صفحات فيس بوك. وهكذا اجتمع هذا الصباح منذ الساعة التـــاسعة عدد لا بأس به من الطلاب في ساحة المركــب الجامعي، وما لبثنا أن بدأنا في التحرك عبر الكليات الخمس التي يضمها الحرم الجامعي لمناشدة زملائنا وضم أكبر عدد ممكن منهم إلى المسيرة. بعد ذلك قررنا حمل المظاهرة إلى الشارع، وقد وجدنا الشرطة وأعوان مكافحة الشغب في انتظارنا، كما كان متوقعا، إذ أمروا بمنعنا من الخروج إلى شوارع المدينة، فقاموا بالتعدي علينا ضربا وبرمينا بالقنابل المسيلة للدموع. وما كان جوابنا إلا أن رميناهم بدورنا بالحجارة. بعد هذه الاشتباكات الأولى تفرقت المسيرة، لكننا أعدنا الكرة ظهر اليوم وتواصلت الاحتجاجات لمدة ساعات.
صحيح أن الطلاب لم يكونوا أول المشاركين في هذه الاحتجاجات يعود ذلك لانطلاقها في فترة عطلة وكذلك لفترة الامتحانات التي مررنا بها منذ أسبوع. لكننا اليوم نأبى إلا أن ننظم إلى أفواج المنتفضين، خاصة بعد سقوط قتلى نهاية الأسبوع الماضي. ويبقى أبلغ دليل على النقلة النوعية التي تشهدها الاحتجاجات انضمام طلبة بدون انتماء سياسي أو نقابي فدافعهم بشري قبل أن يكون إيديولوجيا. كما نادينا بنفس الشعارات التي صرخت بها الجماهير المحتجة، فنحن خرجنا كمواطنين وليس فقط كطلبة.»[3]
كذلك اقتحمت قوات القمع يوم 5 جانفي مبيتات الطلبة والطالبات بالحي الجــــامعي الغزالـــي في مدينة سوسة، مستعملة الغازات السامة والهراوات، و لم تستثن أحدا من الطلاب والأساتذة والعاملين، وجرت مصادمات جد عنيفة ومواجهات بين البوليس والطلبة، وقد ألحقت بالطلبة إناثا وذكورا أضرارا جسدية بالغة ونقل العديد منهم إلى المستشفيات، كما وقع اعتقال الكثيرين وإيقافهم. [4]
يوم 5 جانفي أعلنت السلطة عن موت محمد البوعزيزي متأثرا بحروقه البليغة في مستشفى الحروق في بن عروس، وحمل ظهر نفس اليوم في موكب ضمّ الآلاف من مواطني سيدي بوزيد، ليدفن في مقبرة قريته. موكب الدفن منع البوليس مروره من أمام مقر ولاية سيدي بوزيد فتجدّدت المواجهات في الجهة.
في نهاية الأسبوع الأول من جانفي بدأت الانتفاضة التي شملت أغلب الجهات في البلاد تؤكد أن الوضع بدأ يتحول إلى وضع ثوري، وأن الانتفاضة بدورها تتجه لتتخذ طابع ثورة عارمة قادرة على تحقيق هدفها الأول إسقاط الدكتاتور.
استمرت الاحتجاجات في مدن وبلدات الوسط الغربي لا تتوقف وكان كل يوم يأتي بالمزيد من القمع والشهداء.
يوم 8 جانفي كتب حسن الرحيمي وهو ابن تالة وعضو في تنسيقية إتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل على صفحته في الموقع الاجتماعي فايس بوك « مظاهرات في تالة. مدينة تالة تأخذ المشعل عن سيدي بوزيد وتفجر انتفاضة جديدة ضد القهر. كانَ على هذه المدينة المعدمة والمستهدفة أن تنتفض منذ وقت. رجاء لا تخذلوها.»
يومها كانت مدينة تالة وكذلك مدينة القصرين مسرحا لأبشع عمليات القتل المنظّم التي انخرط فيها بوليس بن على. لقد نظمت قوات القمع حملات مداهمة وتمشيط للمدينتين بداية من ليلة 8 جانفي وتواصلت كامل الليل وسقط نتيجتها عشرات الشهداء برصاص القناصة.
لم يستسلم المواطنون وواصلوا تحركاتهم في مواجهات باسلة لقوات القمع، لتنتهي بسحب بن علي لقوات البوليس وتعويضها بقوات الجيش، والذي سينتشر بعد هذا التاريخ في أغلب المدن والبلدات الثائرة ليعم انتشاره كامل البلاد بما فيها العاصمة والمدن الكبرى في أيام قليلة بعد ذلك التاريخ.
نفس حملات المداهمة والتمشيط دارت في مدن وبلدات أخرى واستمرت، ولكنها لم تتمكن من إخماد لهيب الثورة التي بدأت تثبت أن نظام الدكتاتور بدأ يتهاوى ويفقد سيطرته على الأوضاع.
كانت حصيلة الشهداء كبيرة، فقد سقط 35 شهيدا في تالة والقصرين وحدها بين يومي 8 و9 و 10 جانفي، كما سقط عشرات الشهداء في بلدات ومدن أخرى سيدي بوزيد الرقاب منزل بوزيان تاجروين فريانة قبلي... إلخ .
طيلة العشرة أيام الأولى من شهر جانفي، لم تستقر الأوضاع ولم تهدأ كما كانت السلط تريد لها بتكثيفها عمليات القمع والتقتيل وتعزيز قوات البوليس ونشر الجيش في المدن والبلدات الثائرة .
لقد تابع العالم على المباشر وعبر نشرات الأخبار وعلى شبكة الانترنيت الأحداث أول بأول ومنذ يوم انطلاقها في مدينة سيدي بوزيد.
لقد خسر نظام بن على معركة الإعلام، وهاهي الأوضاع تتطور برغم القمع الأسود وتكسب الجماهير الثائرة ثقة في قدرتها ومزيدا من الثبات و الإصرار على المقاومة. لقد زاد نهج القمع والتقتيل الجماهير قناعة بأن الثورة لابد أن تتواصل وأن تبلغ مداها ألا وهو قلب موازين القوى لصالح قوى الشعب وإسقاط نظام الاستبداد والفساد.
لقد ازداد المواطنون قناعة بأن سلطة بن علي ليس لها ما تقدم لهم غير الرصاص والموت، وبالتالي فلا سبيل لهم غير المقاومة والمزيد من المقاومة فليس لهم ما سيخسرون غير قيودهم.
منذ ذلك التاريخ سيدوي في كل مظاهرة ومسيرة وفي كل بلدة ومدينة وحي شعار"ارحل بن علي" "Dégage ben Ali"
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] أنظر الرابط على شبكة الانترنيت http://www.facebook.com/video/video.php?v=1602568337856
[2] أنظر الرابط على شبكة الانترنيت http://www.facebook.com/video/video.php?v=1602365172777
[3] أنظر الرابط على شبكة الانترنيت http://observers.france24.com/ar/content-tunisia-students-demonstrations-strike-police-sidibouzid
[4] أنظر الرابط على شبكة الانترنيت http://www.youtube.com/watch?v=uCrkbB36O1M&NR=1



#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما العمل لدفع عملية الصراع ضد قوى اليمين والإمبريالية في الم ...
- تونس من أجل تكتل نقابي ضد التحالف السلفي الليبرالي والبيروق ...
- تونس نعم لفتح ملف الفساد في الإتحاد وعلى النقابيين اليوم عد ...
- أي دور للمعارضة النقابية في الإتحاد العام التونسي للشغل في م ...
- في تونس ثورة مغدورة و برلمان بالعمامة واللحية والعصا
- من الفصل الرابع من كتاب الحقّ في السّلطة والثّروة والدّيمقرا ...
- تونس حول الصراع على النفوذ بين مراكز القوى في جهاز البوليس ...
- الديمقراطية البرجوازية ديكتاتورية الأقلية
- رد مطول على تعليق قصير
- بشير الحامدي في حوار مفتوح مع القارئات و القراء حول: ثورة ال ...
- ثورة الحرية والكرامة ما زالت مستمرة ومهمة إسقاط النظام مازال ...
- حول المؤتمر الوطني لللجان و المجالس الجهوية و المحلية لحماية ...
- تونس ليكون المؤتمر الوطنى للجان والمجالس المحلية والجهوية ل ...
- الثورة في تونس:إصلاحات برجوازية أم تغيير جذري
- في ثورة الحرية والكرامة المجلس التأسيسي ليس مهمة من مشمولات ...
- الثورة في تونس مستمرة نعم ولكن كذلك قوى الثورة المضادة مازال ...
- تونس من أجل توسيع حالة الفراغ من حول حكومة الغنوشي من أجل إ ...
- الثورة مستمرّة وحكومة الغنّوشي تتخبّط في الفراغ والشّعب يمار ...
- تونس حتى لا يقع وقف المسار الثوري وإجهاض الثورة
- ثورة الحرية والكرامة في تونس مستمرة وبكل تصميم تكنس نظام الد ...


المزيد.....




- إيلون ماسك ونجيب ساويرس يُعلقان على حديث وزير خارجية الإمارا ...
- قرقاش يمتدح -رؤية السعودية 2030- ويوجه -تحية للمملكة قيادة و ...
- السعودية.. انحراف طائرة عن مسارها أثناء الهبوط في الرياض وال ...
- 200 مليون مسلم في الهند، -أقلية غير مرئية- في عهد بهاراتيا ج ...
- شاهد: طقوس أحد الشعانين للروم الأرثودكس في القدس
- الحرب على غزة| قصف إسرائيلي مستمر وبلينكن يصل السعودية ضمن ج ...
- باكستان.. مسلحون يختطفون قاضيا بارزا ومسؤول أمني يكشف التفاص ...
- كلاب المستوطنين تهاجم جنودا إسرائيليين في الخليل
- بلينكن يصل إلى السعودية للاجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس ال ...
- ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل الأردن بالطائرة الماليزية ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - من الفصل الثالث من كتاب الحق في السلطة والثروة والديمقراطية للكاتب بشير الحامدي المنشور بتونس سبتمبر 2011 انتفاضة سيدي بوزيد تطلق شرارة ثورة الحرية والكرامة